المرأة على مر العصور كانت وما زالت مصدرا للإنتاج في عملها سواء في البيت أو في النواحي الاقتصادية بمختلف مجالاتها، فهي المسؤولة عن تربية الأطفال ورعايتهم والمسؤولة عن المنزل وإلى جانب دورها كأم وزوجة تقوم بعملها خارج المنزل جنبا إلى جنب مع الرجل بل إن مهامها الإنتاجية تفوق مهامه أحيانا. هذا هو حال النساء الريفيات اللاتي يشتغلن في الفلاحة بنسب تفوق اشتغال الرجال فيها.
النساء الريفيات, خاصة منهن المنتميات لأوساط فقيرة أو متوسطة الدخل, تتكفلن بالعمل المنزلي والعمل الفلاحي، وهما من أكثر مجالات العمل إرهاقا وتكنّ في بعض القرى معيلات لأسرهن خاصة في مدن الشمال الغربي التونسي ، غير أن هذه الجهود لا تقابل بالتقدير الذي تستحق لا ماديا ولا معنويا.
في العمل الفلاحي بمختلف مراحله ونشاطاته المتنوعة من زراعة وتربية للحيوانات نجد أغلب الرجال في تونس لا يقبلون عليه حتى في ملكيتهم الخاصة هذا ما يجعل نسب النساء الريفيات اللاتي يشتغلن في الفلاحة تفوق نسب الرجال.
ولعل إقبال المرأة في الريف على العمل الفلاحي له تفسيرات منطقية ترتبط بتدني أجور العمال الفلاحيين في أغلب الأرياف ما يولد عزوف الرجال عليه وبقسوة ظروف العمل وطول ساعاته والاستيقاظ باكرا..
كما نجد تفسيرات تخرج عن نطاق الحساب وهي أن المرأة تمتاز بالعاطفية أكثر فهي تتعلق بالأرض وتعشق مزارعها وتشعر أنها تمنح النباتات والحيوانات الحياة وترعاها بنفس متعة رعايتها لأبنائها. المرأة كذلك مثال للصبر ولطول النفس لأن العمل الفلاحي الشاق يتطلب الصبر في انتظار نتاجه الذي يتطلب أسابيع وشهورا أحيانا.
وحسب منظمات العمل الدولية فإن النساء الريفيات تعتبرن أحد العوامل الرئيسية لتحقيق التغييرات الاقتصادية والبيئية والاجتماعية اللازمة للتنمية المستدامة وهو ما يمثل اعترافا بدورهن الاقتصادي المرتبط بتوفير الإنتاج الفلاحي بمختلف مراحله وما ينتج عن ذلك من تحقيق الأمن والاكتفاء الغذائي للشعوب. كما تمثل النساء الريفيات نسبا هامة من القوى العاملة المنتجة في الاقتصاديات بالنسبة الأكبر من المشتغلين في القطاع الفلاحي.
إذن فالمرأة الريفية قوة إنتاج لا يمكن الاستغناء عنها في المجال الفلاحي والزراعي، وهي حلقة أساسية ضمن حلقات الدورة الاقتصادية خاصة فيما يتعلق بتأمين الغذاء.