Agri Culture Magazine

الخروب الواقع و التحديات

تتميز البلاد التونسية بوفرة الأنواع النباتيّة وتعددها سواء منها العشبيّة أو الخشبيّة التي تسهم في المحافظة على البيئة وضمان التنوّع البيولوجي وصيانة التّربة ومقاومة الانجراف والحدّ من التصحّر. هذا إلى جانب قيمتها الغذائيّة والاقتصاديّة واستغلال بعضها في المجالين الطبّي والعطري. وتعدّ شجرة الخرّوب من أهمّ الأنواع الموجودة بالبلاد التونسيّة لأصالتها وتعدّد فوائدها. ينتشر نوع الخرّوب بالكثير من جهات البلاد التونسيّة وخاصّة منها الشّمال الغربي والوسط والوطن القبلي. وهو طبيعي أو مغروس وينبت على أرض كلسيّة إلى جانب الزّيتون. يعدّ الخرّوب من الأنواع النباتيّة الوحيدة الجنس، الثنائيّة المسكن، كما يعتبر من الأشجار الحراجيّة والطيّبة والقرنيّة المهمّة، كما تتميّز هذه الشجرة بمزايا عدّة، إذ إلى جانب استعمالها منذ القدم غذاء لدى الإنسان والحيوان قد ثبتت فوائدها العلاجيّة. لذلك أضحت ثمارها وبذورها تستثمر على نحو واسع في الصناعات الغذائية والصيّدلية والوصفات الحموية.
لكن الخرّوب يواجه مشكلات عدّة في تونس من أهمّها التدهور والاندثار في مناطق انتشاره الطّبيعي. ويعود ذلك إلى عوامل عدّة أوّلها العامل البشريّ نتيجة عدم وعيه بقيمته البيئية والاقتصاديّة زيادة على العوائق التّي تتعلق الطريقة المعتمدة في إنتاج شتلات الخرّوب ومراحل نموّ النبات وتأقلمها مع الظّروف البيئية.
تغطي هذه الشجرة 200000 هكتار، 74% منها توجد في بلدان جنوب أوروبّا مثل أسبانيا وايطاليا والبرتغال واليونان. وتتميّز قرون الخرّوب بدرجة عالية من التنوع، إذ تختلف فيما بينها باللون والشّكل والوزن والحجم وعدد البذرات بالقرن الواحد، كما أنّ الثمرة غنيّة بالسّكريات والصّبغيات والألياف وبعض المكوّنات الأخرى (كالبروتينات والمواد الدّهنية…) وتتغيّر تركيبة هذه المكوّنات من نوعيّة إلى أخرى.
وتحتوي البذرة على صمغ لزج ذي كثافة شديدة من (القلكتومانان). وهذا المكوّن يمنحه قيمة غذائيّة وصيدليّة بالغة الأهميّة، إذ يمكن استعماله مادّة مضافة ومخثّرة لبعض المواد الغذائيّة. يتكاثر الخرّوب عادة بالبذور التي تعطي شتلات من الجنسين تتأخر معرفتها حتى تدخل في طور الإثمار. وقد تتّسم هذه الثّمار بصغر حجمها وضعف سمكها. لذلك كانت البحوث الجارية تهتم باستخدام عدّة أساليب لانتاج أنواع ذات صفات جيّدة وعالية الانتاج وتستجيب للمواصفات الاقتصاديّة المطلوبة، كما أنّ من إيجابيات الاكثار الخضري الحصول على غراسات ذات إثمار مبكّر مقارنة بالغراسات البذريّة. قدّر إنتاج الخرّوب بتونس سنة 1959 ب 28 ألف قنطار صدّر ما يقدر ب 42 ألف دينار منها إلى فرنسا.
تعتبر إسبانيا أكبر منتج للخرّوب إذ تخصّص أكثر من 150 ألف هكتار لهذه الزّراعات. وأغلبها تستغل محليا (الغذاء الحيواني والصّناعات الغذائيّة) ثم إيطاليا التي تبلغ المساحة المخصصة له فيها 40 ألف هكتار تنتج 400 ألف قنطار سنويا تصدر منها كمّيات كبيرة إلى إنقلترا وألمانيا. أما بعض البلدان الأوربية الأخرى مثل تركيا والبرتغال فإنّ إنتاجها للخروب أقل في حين أنّ إنتاج بلدان شمال إفريقيا (تونس والمغرب والجزائر وليبيا) يعتبر ضعيفا نسبيّا.