Agri Culture Magazine

سوريا : الحواجز والدوريات تشلّ سوق المحاصيل في حمص

تعاني أسواق الحبوب في سوريا من تضييق شديد على حركتها من قبل حكومة النظام، من خلال دوريات الضابطة الجمركية التي كثفت وجودها على الطرق والمفارق الرئيسة، والحواجز الأمنية التي تفرض الإتاوات، و”ساحات” أمن “الفرقة الرابعة” التي تفرض تعرفة جمركية على كل ما يحمله السوريون.

وتشكّل محاصيل النباتات العطرية، مثل اليانسون وحبة البركة والكمون، أهم المنتجات الزراعية في محافظة حمص، وتليها المحاصيل الاستراتيجية كالقمح، الذي ينحصر سبيل تسويقه عبر حكومة النظام.

وكانت حكومة النظام حددت سعر شراء كيلو القمح بـ900 ليرة سورية، وكيلو الشعير كمادة علفية بسعر1200 ليرة.

هذه الأسعار خلقت سوقًا سوداء موازية للسوق الحكومية تزيد فيها الأسعار حتى الضعف تقريبًا.

وتشدد حكومة النظام رقابتها على الطرقات لمنع نقل أي كمية لحساب التجار، لتجبر الفلاحين على تسليم محصولهم لمؤسساتها، وتفرض غرامات بثلاثة أضعاف سعر الكمية، مع محكمة اقتصادية يخضع لها المخالفون.

سوق خطرة لتجارة القمح

ارتفع سعر كيلو القمح في السوق السوداء إلى 1500 ليرة بعد تسليم أغلب المزارعين محصولهم لصوامع الحبوب في المدخل الشمالي لمدينة حمص، في حين تراوح سعر الكيلو بين 900 و1000 ليرة خلال الموسم.

ورغم ارتفاع سعر القمح، يقبل أغلب المزارعين تسليمه لحكومة النظام خشية التعرض للمساءلة في حال ضبط الكمية لدى التاجر، وفضّل بعضهم المغامرة وبيعه في السوق السوداء لتخفيف الخسائر.

يوسف، من مزارعي قرية الفرحانية في ريف حمص الشمالي، قال لعنب بلدي، إن أغلب المزارعين سلموا محصولهم عن طريق الجمعيات الفلاحية لصوامع الحبوب، خاصة من تسلّم بذورًا من الجمعية.

وأقدم المزارعون على ذلك خوفًا من أن تُضبط كمية القمح بحوزة التاجر المشتري، الذي سيضطر إلى البوح باسم المزارع الذي باعه الكمية، ما يعرض الجميع للمساءلة أمام محاكم اقتصادية وغرامات تصل إلى ثلاثة أضعاف سعر الكمية المُباعة.

وأضاف يوسف أن محصول القمح شحيح في العام الحالي مقارنة بالأعوام السابقة، فإنتاج الدونم لم يتعدَّ 250 كيلوغرامًا في أحسن الأحوال، بينما كان 400 كيلو في الأعوام السابقة.

وحصل ضعف الإنتاج بسبب قلة الأمطار الربيعية، ما دفع بعض المزارعين لبيع محاصيلهم في السوق السوداء في محاولة لتخفيف الخسائر المالية.

وتعمل مجموعة من التجار المدعومين من “حزب الله” اللبناني والمحسوبين على الأفرع الأمنية في آن واحد، في تجارة القمح، ويهربونه إلى لبنان أو يخزنونه ويبيعونه لمعامل العلف، بحسب يوسف.

أحد سماسرة تجارة القمح (طلب عدم ذكر اسمه لاعتبارات أمنية)، أوضح لعنب بلدي أن تجار القمح على استعداد لشرائه بـ1500 ليرة للكيلو الواحد، وأشار إلى أن هناك الكثير من المزارعين ما زالوا يحتفظون بكميات بقصد المتاجرة بها، لكنهم يتخوفون من ذلك بسبب الجمارك والأفرع الأمنية.

الإتاوات تخفض الأسعار

تشهد أسواق الحبوب في ريف حمص الشمالي جمودًا ملحوظًا، بسبب صعوبة نقل الكميات من مكان إلى آخر، جراء انتشار الحواجز التابعة للنظام، وإصرار عناصرها على تفتيش الأحمال بحثًا عن القمح أو لجمع الإتاوات من التجار.

“أبو محمد”، أحد تجار اليانسون في محافظة حمص، قال لعنب بلدي، إن الحواجز ودوريات الجمارك شلّت حركة السوق بشكل كامل، فكل حاجز يريد أن يقبض مبلغًا عند مرور الأحمال من خلاله.

وتتراوح تسعيرة الحواجز بين عشرة آلاف و50 ألف ليرة سورية، أما دوريات الجمارك فتُصرّ على تفتيش الحمل بشكل دقيق بحثًا عن القمح، ولا تسمح لأي سيارة بالمرور قبل أن تقبض مبلغًا من المال.

ويحاول التجار تقاسم الخسائر المتشكّلة من المبالغ التي تأخذها الحواجز ودوريات الجمارك، من خلال تخفيض سعر المحاصيل على الفلاحين، ما شكّل حالة استياء لديهم.

جميل، مزارع من مدينة الرستن، قال لعنب بلدي، إن التجار “يتآمرون” بين بعضهم لتخفيض أسعار المحاصيل، ليتحمل المزارع مع التاجر المبالغ التي تأخذها الحواجز.

وأضاف جميل أن المحاصيل سيئة بشكل عام هذه السنة، وتخفيض الأسعار بهذا الشكل سيجعل الفلاحين عاجزين عن الزراعة في العام المقبل.

ويبلغ سعر كيلو اليانسون 7000 ليرة سورية، وسعر كيلو الكمون 11 ألف ليرة، وكيلوغرام حبة البركة 6500 ليرة.

وتبلغ تسعيرة حكومة النظام لكيلو الشعير 1200 ليرة و900 ليرة لكيلو القمح، بينما يُباع الشعير في السوق السوداء بـ1600 ليرة، ويُباع القمح بـ1600 ليرة سورية.