مازالت أزمة النقص الفادح في تزويد السوق بمادة الزيت المدعم متواصلة ولاشك أن هذه الأزمة التي دامت لسنوات دون أن يقع حلّها وتجنيب المواطن معاناة تضاف لجملة المشاكل التي يكابد لتجاوزها ازدادت تعقيدا ولعل ذلك ما يعكسه شحّ وفقدان هذه المادة من الأسواق.فقد عبّر عدد كبير من المواطنين عن غضبهم الشديد من تواصل الأزمة الخانقة الخاصة بعدم توفر مادة الزيت المدعم بالأسواق .مطالبين سلطة الإشراف بإيجاد حلول عاجلة لهذه الأزمة .خاصة أن الوضع الاجتماعي الخانق للعديد من الأسر يجعلها غير قادرة على شراء الزيت النباتي غير المدعم الذي يفوق سعره 4 دنانير في حين يتراوح سعر الزيت النباتي المدعم بين 900 و1000 مليم .كما بين المواطنون أن بعض أصحاب المحلات الغذائية إن توفر لديهم الزيت النباتي المدعم فان عملية بيعه تكون مشروطة بشراء جملة من المواد الغذائية الأخرى كما أن هؤلاء يعمدون إلى بيعه خلسة لحرفائهم فقط.حيث بين في هذا السياق السيد لطفي الرياحي رئيس المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك (منظمة غير حكومية) أن أزمة الزيت النباتي المدعم لا يمكن حلها مادامت المافيات تتحكم في السوق وتحكم قبضتها عليه وتتصدى لأي فرد يسعى إلى خدمة المواطن من شأنه أن يضرّ بمصالحها الخاصة وبالقطاعات التي تدرّ لها سيلا من الأموال.وأفاد الرياحي في الآن ذاته أن الدولة تستورد عن طريق الديوان الوطني للزيت كميات من الزيت الخام بحصة سنوية تقارب 165 ألف طنّ أي بمعدل 14 ألف طن شهريا يتم توزيعها على نحو 45 مصنعا موزّعة على مختلف الجهات تقوم بدورها بتصنيعها وتعبئتها وتعليبها ثم توزيعها على تجار الجملة الذين يوزّعونها لدى تجار التفصيل.مبرزا في الآن ذاته أن حاجيات المستهلكين تقدر بـ150 ألف طن سنويا وتضاف إليها 15 ألف طن ولكن المافيات سيطرت على كامل الكمية وأتت على الأخضر واليابس وهو ما يبرز حجم الفساد المستشري في البلاد .ودعا إلى ضرورة تزويد السوق بالكميات التي يحتاجها المواطن الذي يذهب في كل مرة ضحيّة جشع الانتهازيين والمضاربين – مافيا الفساد – بالزيت النباتي المدعم الذي تستفيد منه أطراف أخرى على غرار المطاعم والمصانع والنزل..مبينا في الآن ذاته حجم الفساد المتفشي في هذا القطاع إذ يعمد البعض إلى خلط الزيت المدعم بغير المدعم وبيعه للمواطنين ، إضافة إلى انه يقع توجيه الزيت إلى مصانع الدهن حيث يتم خلط الزيت المدعم بزيت السيارات الملوث بغاية إعادة رسكلته. معتبرا أن الدعم لا يوجّه إلى مستحقيه باعتبار أن المتضرر من فقدان الزيت هو المواطن في حين تستفيد منه العديد من الشركات الخاصة . مضيفا في الآن ذاته انه في اغلب الأحيان تبقى المراكب المورّدة للزيت راسية في شواطئ تونس لأكثر من شهر حتى يتسنى للشركات الخاصّة المنافسة ترويج منتوجها وهو ما تنجرّ عنه خطايا التأخير وخسارة البلاد بآلاف المليارات.ومن المؤسف أن يكون المواطن الضحية الدائمة والأولى لتفشي اخطبوط الفساد في كل مفاصل الدولة وتكون رحلته مضنية أثناء البحث عن قارورة زيت بـ1050 عند «العطار» ناهيك أن هؤلاء يقومون ببيع الزيت النباتي لحرفائهم فقط – إن وجد طبعا – مضيفا في الآن ذاته أن الفساد عشّش في العقول ولابد من إيجاد آليات كفيلة بالحدّ من تفشيه ولا غرابة في ذلك فقد بات الفساد ببلادنا الوسم الذي يختم كل مظاهر حياة الفرد والمجموعة، بل أضحى السمة الأبرز التي تطبع مختلف جوانب وأوجه عمل المؤسسات والمنشآت العمومية والخاصة على حد سواء.ويرى لطفي الرياحي رئيس المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك أن الحل لازمة الزيت النباتي المدعم بسيطة وتتمثل في توفير هذا المنتوج في كل سوق بلدي مثلما كانت التجربة سابقا حيث تم وضع نقطة بيع في السوق المركزية ولكن التجربة لم تتواصل لان اعتبر المافيا تصدّت لها .وعن محاربة الفساد ومتابعة ملف الزيت النباتي المدعم وفي السياق نفسه سبق وصرح النائب بدر الدين القمودي انه سيتم فتح جميع ملفات الفساد ولا مجال للتراجع عن محاربة الفاسدين واعتبر أن تضافر الجهود وتوفر الإرادة الحقيقية يمكّن من التصدي للفساد في كل القطاعات بما في ذلك هذا القطاع.كما اعتبر العديد من الفاعلين في هذا المجال أن تواصل أزمة النقص الفادح في تزويد الأسواق بمادة الزيت المدعم يخفي ملف فساد بامتياز مورّطة فيه العديد من الأطراف من الوزن الثقيل.