Agri Culture Magazine

سيدي إسحاق المغربية تواجه التغير المناخي بالطاقة الشمسية لاستمرار الفلاحة

تعيش جماعة سيدي اسحاق الجبلية الواقعة على بعد حوالى ستين كيلومترًا عن مدينة الصويرة بالمغرب، تحولاً استثنائيًا بعد أن استطاعت الجماعة تخفيف أزمة العطش التي ظلت تلاحقها على مدى سنوات نتيجة ما لحقها من أضرار جراء التغيرات المناخية التي عصفت بالنشاط الفلاحي والرعوي، الذي يعتبر النشاط الأساسي للمنطقة.

إذ أخذت الجماعة بعين الاعتبار ما يتمتع به المغرب من مؤهلات طبيعية، من بينها مؤهلات شمسية كبيرة تصل إلى أكثر من 3000 ساعة في السنة من أشعة الشمس، أي إشعاع أكثر من 5.6 كيلو واط ساعة للمتر المربع الواحد وفي اليوم الواحد.

هذه الثروة الطبيعية شكلت محور التحول الجوهري الذي عرفته جماعة سيدي إسحاق، التي ساهمت في تطوير أنظمة ري بديلة وصديقة للبيئة، بدل أنظمة الري القائمة، والتي كبدت الفلاح كما الطبيعة خسائر مهولة.

فالطاقة الشمسية تشكل مصدرًا للطاقة النظيفة والمتجددة وغير المكلفة، في وقت يستأثر فيه القطاع الزراعي في المغرب بحوالى 8% من إجمالي الاستهلاك الوطني للطاقة، ويرتكز بشكل رئيس على مستوى معدات الري.من هنا جاءت فكرة جماعة سيدي إسحاق بتطوير القطاع الفلاحي بالمنطقة دون الضغط على الموارد المائية.مراسل “تطبيق خبّر” الميداني في المغرب يوسف أسكور، انتقل إلى المنطقة التي شهدت تحولًا كبيرًا في عدد الأراضي المزروعة بفعل الاعتماد على طريقة الري الموضعي بالتنقيط، الذي يسهم في ترشيد المؤهلات المائية، كما يساهم في إعادة التوازن الطبيعي للتنوع الإحيائي الذي فقدت منه المنطقة الكثير.

عودة الضيعات الفلاحية بعد الاعتماد على الطاقة الشمسية

هناك، التقى مراسل “تطبيق خبّر” عبد الواحد العوادي، وهو فلاح بالمنطقة وعضو المكتب التنفيذي للاتحاد العام للفلاحين بالمغرب، الذي قاده في جولة داخل ضيعات المنطقة، التي ـ على حد قوله ـ لم يكن لها وجود قبل اعتماد لوحات الطاقة الشمسية.وبيّن العوادي أن هذه لوحات الطاقة الشمسية ساهمت في مساعدة الفلاحين على توفير فاتورة الكهرباء التي كانت السبب المباشر في إفلاس جميع فلاحي المنطقة وهجرتهم صوب المدن، مضيفًا أن مشاريع دعم برنامج المضخات الشمسية، ساهم بشكل فعال في نشر أنظمة الضخ الشمسي الموجهة لأغراض الري الزراعية، كما ساهم في استبدال المضخات التي تعتمد الغاز نظرًا لكلفتها المادية والبيئية الكبيرة.

ولفت إلى أن الفلاحين يعيشون في الجماعة التي تعتمد على الفلاحة والرعي بشكل أساسي، وعلى محاصيل قليلة تكاد لا تكفيهم لسد احتياجاتهم، وهو ما ساهم في انخفاض أعداد رؤوس الماشية بشكل كبير.وقال العوادي الذي يرأس تعاونية فلاحية تعمل في مجال الحليب ومشتقاته، إن النسيج التعاوني والجمعوي بالمنطقة ترافع لأجل مساعدة صغار الفلاحين في جماعة سيدي اسحاق على العودة لزراعة أراضيهم عبر تزويدهم بالطاقة الشمسية لضخ مياه الري، بعدما باتوا عاجزين عن تأمين كلفة ثمن المحروقات.

وأوضح أن الفلاحين هؤلاء الذين كانوا يعتمدون أساسًا في عمليات ري أراضيهم الزراعية على مياه الأمطار التي لم تعد توفر الحدود الدنيا من المياه القادرة على ري الأراضي، وهو ما حتم الاعتماد على ضخ المياه الجوفية بواسطة محركات تعمل على الطاقة الشمسية عوضًا عن المحروقات.

جهود لإعادة التنوع الإحيائي بالجماعة

وأشار العوادي إلى أن صورة المياه المتدفقة شكلت تحولاً كبيرًا ونجاحًا للفلاحين الذي اختاروا البقاء في الجماعة والاستمرار في المحاولة لأجل إعادة الوضع البيئي إلى سابق عهده، ما ساهم في توفير محاصيل جيدة وأعلاف للمواشي لأجل الحفاظ على التنوع الإحيائي للمنطقة.

وكشف العوادي لمراسل “تطبيق خبّر” أنه عمد بالتعاون مع مستثمرين أجانب ومحليين إلى تجهيز أزيد من 56 مضخة مجهزة بألواح شمسية، ما يؤمن اليوم ضخ المياه الجوفية بكلفة أقل بكثير، وموزعة على جميع الدواوير التابعة للجماعة.كما تم حفر أزيد من عشرة آبار في مناطق مختلفة، لتوفير الماء الصالح للشرب لجميع الساكنة، وكذلك تم إلزام المستثمرين الأجانب بضرورة توفير نقاط ماء رهن إشارة الجميع كأحد الأفكار التي من شأنها تمكين جميع أهالي الجماعة من الماء بشكل مجاني.

خلال تواجده في الجماعة، زار مراسل “تطبيق خبّر” رفقة عبد الواحد العوادي ضيعة الحاج الخلالي الذي قال إنه شرع في بناء إسطبل مهيئ لأكثر من مئة رأس من الماشية، بعد أن كان قد باع جميع قطيعه وهاجر المنطقة جراء توالي سنوات الجفاف وغلاء أسعار المحروقات.وبيّن الحاج الخلالي أنه قرر العودة بعد أن تواصل مع العوادي الذي قدم له فكرة الألواح الشمسية التي ساعدته في إعادة استنبات أرضه من جديد والبدء في نشاطه الفلاحي الذي غادره مضطرًا.ويساهم القطاع الفلاحي الوصي بشكل كبير في توفير المواكبة التقنية للمشاريع الفلاحية من حيث الدراسة وبعض الأليات التي تساهم في تأهيل الأراضي من جديد لتكون صالحة للزراعة.