حددت السلطات الجزائرية الخميس المقبل لعشرات المزارعين المغاربة بإخلاء مناطق حدودية بالقرب من إقليم فجيج كان يعتقد أنها أراض مغربية، ويندهش المغاربة من الحادث المفاجئ، ولم تقدم السلطات المغربية توضيحا لرعاياها.
وتوجد مزارع المغاربة في منطقة تسمى “العرجة” وهي تابعة لإقليم فكيك جنوب شرق المغرب وجنوب غرب الجزائر، ودخلت قوات جزائرية المنطقة خلال فبراير/شباط الماضي، وأجرت دراسات وانسحبت، وعادت لجنة سياسية وعسكرية رفيعة المستوى الى منطقة العرجات منذ ايام، وأمرت المزارعين المغاربة بالانسحاب قبل الخميس المقبل تحت طائلة التهديد بالاعتقال.
وتظاهر المزارعون في مدينة فكيك أمس السبت دفاعا عن ممتلكاتهم، وطالبوا المغرب بتقديم تفسيرات للتصرف الجزائري، وقال أحد الناطقين باسم المزارعين المغاربة “لقد أخبرتنا السلطات الجزائرية بأن منطقة العرجة هي جزائرية وستقوم السلطات المغربية بتعويضنا عن ممتلكاتنا التي سنفقدها”، وقال ضابط عسكري جزائري مخاطبا المزارعين المغاربة “نحن أبلغناكم بضرورة مغادرة هذه الأراضي قبل 18 مارس، والسلطات المغربية تعرف هذا، توجهوا الى سلطاتكم فهي ستشرح لكم الأمر”.
وتلتزم الحكومة المغربية الصمت ولم تصدر أي بيان، ويستمر المغاربة في بحث عن تفسير للحادث الذي يتزامن مع تردي في العلاقات الثنائية بين البلدين، وأصدر فرع حزب الاتحاد الاشتراكي في فجيج بيانا أمس السبت يطالب الحكومة بالوضوح، وقال البيان “أن الدولة المغربية لم تكن واضحة مع ساكنة أهل فجيج والمغاربة ككل بخصوص ترسيم الحدود بين المغرب والجزائر حيث بقيت خاضعة للتقلبات السياسية بين البلدين، أن القرار المبرم بين السلطتين المغربية والجزائرية لا ندري على أي اتفاقية يستند، علما أن اتفاقيه 1972 إن كانت هي المعتمدة في أصلها غير واضحة المعالم الحدودية بتاتا؛ أن الدولة المغربية غررت بسكان وفلاحي واحة فجيج وورطتهم إذ تركتهم يستثمرون لسنين في أراضي قد تنتزع منهم في أية لحظة كما هو الحال الآن. أن الأراضي المعنية والتي استثمر فيها عدد من الفلاحين من قصر اولاد سليمان لسنين مضت في ملكية أصحابها بعقود ووثائق ثابتة ورسمية، أن هذه المنطقة أصبحت تشكل للواحة مجالا حيويا لا غنى عنه ومورد رزق للعديد من الأسر”.
وأصر البيان على “مطالبة السلطات المغربية بالأخص أن تكشف للرأي العام المحلي والوطني على تفاصيل هذا الملف وتبعاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية على المنطقة في المستقبل؛ فتح حوار صريح وموضوعي مع ساكنة فجيج عموما، والمتضررين مباشرة من هذا الإجراء التعسفي؛ إيجاد الحلول المناسبة المطمئنة لهؤلاء المتضررين على ممتلكاتهم؛ التعامل مع هؤلاء المتضررين وفق ما تمليه المواثيق الدولية بخصوص ممتلكات المواطنين الواقعة في مناطق التماس الحدودي من الجانبين؛ مطالبة الدولة المغربية بأن تحسم في هذا الملف مع الجارة الجزائر فيما يخص الحدود نهائيا وبحفظ الأراضي للأجيال القادمة حتى لا تتكرر نفس المأساة مرة أخرى”.
ويوجد تداخل بين بلدات مغربية وجزائرية في عدد من النقاط الحدودية بين البلدين، ووقعا اتفاقية الحدود سنة 1972. ويحدث أن تقوم الجزائر بين الفينة والأخرى بطرد مزارعين مغاربة من أراضي يستغلونها. وتعد “العرجة” آخر حالة من هذا النوع.
ويشتكي المغاربة باستيلاء الجزائر بدعم من فرنسا في المضي على ضم أراض تعتبر مغربية. وتطالب هيئات سياسية مثل حزب الاستقلال وشخصيات سياسية بفت ملف “الصحراء الشرقية”، وهي الأراضي التي يفترض أنه جرى إلحاقها بالجزائر.
وفي ظل صمت الحكومة، تولى محللون مقربون من السلطة تقديم شروحات للمغاربة الذين يتلهفون لمعرفة الأخبار، وقال المحلل السياسي المغربي منار اسليمي في شريط له في يوتوب أمس “قرار الجيش الجزائري بفتح ملف الحدود وضم العرجة ينم عن محاولته تحويل الأنظار بعدما حاصره الحراك بمطالبة بدولة مدنية”، واستطرد “التطورات التي تحدث غير مطمئنة، ولا يمكن استبعاد الحرب بين المغرب والجزائر، وهي فرضية قائمة وتتقوى وتقول بها مراكز دراسات النزاعات”، ودخل المغرب والجزائر في سباق تسلح منذ سنوات، كما خلا في حرب سياسية وإعلامية تهيج الرأي العام في البلدين ترسخ العداء بينهما.