Agri Culture Magazine

حرائق الجزائر لفحت دول الجوار

تحولت عشرات آلاف الهكتارات من الغابات والغطاء النباتي في الجزائر إلى رماد بسبب الحرائق المهولة التي شهدتها ولايات شمال البلاد، ما ينذر بكارثة بيئية ومناخية قد تمتد إلى دول المنطقة، إن لم تسارع الجهات المعنية بتدارك الأمر.

”ما سجلته الجزائر من حرائق خلال شهر أغسطس الجاري يعادل مجموع ما تم تسجيله خلال ثماني سنوات خلت“، وفق خالد فوضيل، الأستاذ بمعهد تسيير التقنيات الحضرية، جامعة صالح بوبنيدر- قسنطينة 3، ورئيس جمعية ’Oxy-jeunes‘ أكسي جون المعنية بالحفاظ على البيئة.

يؤكد فوضيل لشبكة SciDev.Net أن الاجتماع الأخير الذي كان رفقة وزير الفلاحة والتنمية الريفية الجزائري عبد الحميد حمداني، قد كشف عن تسجيل 1186 حريقًا على المستوى الوطني منذ يوليو الماضي، التهم أكثر من 89 ألف هكتار من الغطاء النباتي والغابات بالدرجة الأولى.

وتمركزت الغابات المحترقة في المناطق الشمالية للجزائر، خاصةً تيزي وزو، وبجاية، وسطيف، وجيجل، وسكيكدة، والطارف، مع تسجيل 90 حالة وفاة، من بينهم 28 جنديًّا تدخلوا لإخماد النيران، وفق أرقام رسمية.

يؤكد الوزير السابق المنتدب المكلف بقطاع البيئة الصحراوية في الجزائر، حمزة آل سيدي الشيخ، أن الحرائق الأخيرة ألحقت بالبلاد خسائر كبيرة جدًّا، في الأرواح البشرية، والثروة الحيوانية والفلاحية، دون نسيان الغطاء النباتي الذي يتطلب تجديده الملايين من خزينة الدولة.

يقول حمزة لشبكة SciDev.Net: إن التقييم النهائي لخسائر الحرائق لم يتم بعد، ”إلا أن هناك أرقامًا تصل من المناطق المتضررة وتؤكد عِظَم حجم الكارثة“.

ففي محافظة تيزي وزو الأكثر تضررًا، تم تسجيل احتراق حوالي 5193 هكتارًا من الأشجار المثمرة، بالإضافة إلى نفوق 19178 من الحيوانات.

هذا بالإضافة إلى احتراق العديد من البنى التحتية الزراعية، حيث تضرر 832 مستثمرة فلاحية من الحرائق، و752 بنايةً ومسكنًا و42 مؤسسةً تعليمية.

”تأثير الحرائق على المستوى البيئي والاقتصادي سيتعدى حدود الوطن بالنظر إلى حجم غازات ثاني أكسيد الكربون المنبعثة على مدار شهر كامل، إذ سيمتد إلى دول الجوار، تونس، وليبيا، والمغرب، بل أكثر من ذلك سيكون للتقلُّص الرهيب في الغطاء النباتي بالجزائر تأثير، حتى على دول حوض البحر المتوسط“، وفق فوضيل.

دخان الحرائق التي شهدتها ولايات الشرق الجزائري كالطارف وتبسة مثلًا، ”عم أرجاء 3 ولايات تونسية تقع بالجهة الغربية، ومواطنوها عانوا معاناة الجزائريين نفسها من ارتفاع درجات الحرارة، والدخان الكثيف“.

يوضح فوضيل أن الغابات الجزائرية تُعد ”رئة المنطقة المغاربية“، لا سيما تونس والجزائر وجزء من ليبيا، باعتبار أن المغرب هو الآخر يملك ثروةً غابيةً أخرى لا تقل أهميةً عن الغابات الجزائرية.

واحتراق أجزاء كبيرة من غابات الجزائر هذه السنة، أدى إلى ارتفاع درجات الحرارة على نحوٍ قياسي، أحس بها حتى الأشقاء في تونس ومناطق غرب ليبيا، وهذه الحرارة ستؤثر لا محالة على اتساع رقعة الجفاف.

أضف إلى تداعيات هذا الحريق، زيادة انجراف التربة، وتوحّل السدود، وكذلك زيادة حدة التصحّر وزحف الرّمال نحو الشمال، سواء تعلَّق الأمر بتونس أو الجزائر أو المغرب.